انتعاشة فنية.. ثمانية أعمال درامية مشتركة خلال شهر واحد وأهمها مسلسل 8 أيام (فيديو)
يعيش سوق الإنتاج الفني السوري- اللبناني انتعاشة لم نشهد لها مثيلاً من قبل، حيث عُرض منذ بداية الشهر الماضي فقط، ثمانية أعمال درامية مشتركة أهمها مسلسل 8 أيام، وهو أكبر عدد .من المسلسلات يتم عرضه خلال شهر واحد خارج الموسم الرمضاني.
هذه الغزارة الكمية، التي قد توحي بأن الدراما تزدهر مجدداً، لا تعكس حقيقة ما يجري؛ فغالبية المسلسلات. التي عُرضت مؤخراً تنقصها الجودة، لا سيما المسلسلات .التي سوّق لها بنجوم الصف الأول في الدراما السورية والتي جاءت مخيبة للآمال،
السنونو
كمسلسل “السنونو” للنجم العائد من عزلته ياسر العظمة، والذي سبقت عودته حماسة كبيرة انعكست. بتعليقات الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي،
لكنها سرعان ما تلاشت بعد مرور الحلقات الأولى، لينتهي المسلسل بصمت. دون أي تفاعل، وليتبين من ذلك أن نسبة كبيرة من الجمهور لم يكملوا مشاهدة المسلسل حتى نهايته.
كذلك هو الحال في مسلسل “8 أيام” الذي أدى دور البطولة فيه النجم مكسيم خليل؛ والذي جاء مخيباً للآمال بدوره رغم ما حمله من بشائر في البرومو الترويجي، فسبقت عرضه موجة من التفاعل، انتهت بخيبة أمل بعد انتهاء حلقاته الثمانية.
مسلسل “8 أيام” هو مسلسل للمخرج والمؤلف التونسي مجدي سميري، ومن إنتاج شركة “فالكون فيلمز”، المتخصصة بصناعة السينما، والتي لم يسبق لها أن خاضت تجربة صناعة الدراما التلفزيونية سوى بعمل واحد سابق، وهو “داون تاون” العام الماضي.
تصريحات الشركة المنتجة رفعت كثيراً من سقف التوقعات، لا سيما تلك التي تتعلق بنوع العمل. وتوجه الشركة؛ إذ ذكرت الشركة ببياناتها أن المسلسل هو عبارة عن فيلم طويل مقطع إلى ثماني حلقات. بعدد الأيام التي تدور فيها أحداث المسلسل؛
لأن القائمين على الشركة على ما يبدو يؤمنون بالنظرة السائدة الهرمية. في الأوساط الثقافية النخبوية العربية، التي تعلي من شأن الدراما السينمائية والمسرحية. على حساب الدراما التلفزيونية الشعبية، دون إدراك أن ما يحدد قيمة العمل الدرامي هو جودته وليس نوعه.
أبطال المسلسل
فعلياً تصريحات القائمين على العمل لا تبدو تتوافق حتى مع آليات صناعته، فاختيار نجوم. من أمثال مكسيم خليل وسينتيا خليفة وبديع أبو شقرا،
هو أمر يتوافق مع معايير صناعة الدراما التجارية بلا شك وكذلك هو الحال باللقطات الخاطفة التي تبدو مقتبسة من السينما التجارية الأميركية. لذلك فإن “8 أيام” لا يشبه بآليات صناعته سينما المؤلف، التي قد يفضل أن ينتمي إليها مجدي سميري نقدياً.
إن خيبة الأمل التي نشعر بها عند مشاهدة المسلسل .لا تتعلق بنوعه. والشكل الفني، وإنما بالحكاية التي نتابعها على الشاشة والطريقة التي تتطور فيها الأحداث؛
فالمسلسل يسير بخط بياني تنازلي، يبدأ بظرف درامي مثير ونقطة مقبولة، لكن كل الأمور. تنحدر وتتهاوى سريعاً، حتى نصل إلى الحلقة الأخيرة التي تكشف بها الحقائق بانطباع سلبي يستحيل تحسينه.
قصة مسلسل 8 أيام
تبدأ الحكاية بمشهد غريب، يظهر فيه “أمير” (مكسيم خليل) نائماً وبيده مسدس أمام جثة. يحاول “أمير” الذي يعمل محامياً والذي لطالما أستخدم مهاراته لإنقاذ المجرمين والقتلة إنقاذ نفسه.
تتكفل بهذه القضية شرطية تدعى “ياسمين”، التي ستصدق رواية “أمير” وتشك برئيسها في العمل بأنه متورط بذات القضية؛ بعد أن تكتشف بأنه على علاقة بزوجة “أمير“،
وتبدأ معها رحلة البحث عن القاتل بعد أن يهرب “أمير” من السجن مصادفة! هكذا تتشابك الخطوط لينقسم أبطال العمل في فريقين بسبب اكتشافات مفاجئة تتم كلها عن طريق المصادفة.
مفاجئة
المصادفات المتلاحقة التي ترسم حكاية المسلسل تبدو مثيرة للسخرية حقاً، لا سيما عندما يقتحم المشهد الأخير باسم ياخور ليفاجئنا بأنه كان قد خطط لكل ما يحدث بهذه الدوامة التي علقنا بها، بدافع الانتقام لابنته التي قتلت على يد عصابة وكلت بالماضي “أمير” للدفاع عنها.
فهذه الحكاية الميلودرامية التي تأتي لتتوج 8 حلقات. من دراما الأكشن الرخيصة .التي تدور أحداثها في فضاء درامي معلب لا يمت للواقع بصلة،
تزيد الطين بلة وتخلق فجوات كثيرة ضمن الحكاية الهشة التي يصر صناعها على خلق الروابط فيها طيلة الوقت بشكل فج وعن طريق المصادفات المتلاحقة.
ومن الأمثلة على نوع المصادفات المثيرة للسخرية في المسلسل هي السيارات الجاهزة في كل مكان، التي يقوم “أمير” باستعارتها أو سرقتها للهرب أو التجول في المدينة،
في سياق لا يشبه سوى لعبة الفيديو “جي تي أيه”؛ ليكون “أمير” دائماً يملك إمكانيات تخلق من العدم، تساعده في رحلة بحثه الملتوية عن الحقيقة.
المصادفة لا تخدم “أمير” وحده، وإنما هي العنصر المشترك الذي يحرك كل حكايات العمل ويرسم خطوط الشخصيات؛ فالقاتل يتمكن من الإيقاع بضحاياه لأنه عثر عن طريق المصادفة على فرصة عمل كسائق لدى رئيس العصابة،
والعلاقة الغرامية الموجودة بالمصادفة بين الضابط الفاسد وزوجة المحامي. المعني بالقضية هي التي تلوي عنق رحلة البحث لعدة حلقات،
قبل أن نكتشف أن كل السيناريوهات الرديئة المتوقعة هي أفضل من الحل السحري الذي يهبط من السماء فجأة بالحلقة الأخيرة.
وإذا ما حاولنا أن نبحث في المسلسل عن بعض النقاط الإيجابية، فإنها ستتلخص ببعض اللمحات الفنية المكملة، كالموسيقا والإيقاع السريع والمتقن بمشاهد الأكشن وبأداء بعض الشخصيات،
مثل ياسر البحر، الذي يلعب دور رئيس العصابة بأول مشاركاته في الدراما العربية المشتركة. لكنها ليست كفيلة برفع مستوى العمل، الذي يبدو خيارا غريبا آخر للممثل مكسيم خليل، الذي تخبط .بالمشاركة بأعمال درامية سيئة بعدما قدم شخصية “غسان” في “أولاد لآدم”؛ ليضع نجوميته في السنتين الأخيرتين على المحك.
المصدر: تلفزيون سوريا