“عملة دولية” جديدة بديلة عن الدولار الأمريكي واليورو تلوح بالأفق قريباً.. ما القصة .؟
على خلفية العقوبات غير المسبوقة المفروضة على روسيا واقتصادها بسبب الصراع الأوكراني،. دعا الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، إلى تعزيز العلاقات بين دول بريكس،. وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، مقترحًا فكرة جديدة تتركز حول إيجاد “عملة دولية” لخفض الاعتماد على الدولار واليورو.
وخاطب “بوتين” المشاركين في منتدى بريكس الاقتصادي عشية قمة افتراضية لهذه البلدان قائلًا: “يضطر رجال الأعمال في بلادنا إلى تطوير أعمالهم في ظروف صعبة؛. لأن الشركاء الغربيين يتجاهلون المبادئ الأساسية لاقتصاد السوق والتجارة الحرة”.
واستنكر “بوتين” في الوقت ذاته فرض عقوبات جديدة ذات دوافع سياسية بشكل مستمر،. معتبرًا أنها “تتعارض مع الفطرة السليمة والمنطق الاقتصادي الأساسي”.
ثم أكد على أن روسيا تعيد توجيه تدفقاتها التجارية واتصالاتها الاقتصادية الخارجية بنشاط نحو “شركاء دوليين موثوقين”، خصوصا نحو دول البريكس. موضحا أن “هناك محادثات جارية بشأن افتتاح سلسلة متاجر هندية في روسيا، وزيادة حصة السيارات الصينية في السوق الروسية”.
وأكد الرئيس الروسي أن شحنات النفط الروسي إلى الصين والهند آخذة في الازدياد،. والتعاون الزراعي يتطور بشكل ديناميكي وكذلك تصدير الأسمدة الروسية إلى دول مجموعة البريكس.
ثم أخبرهم أن روسيا ترغب أيضا أن تطور مع شركائها في البريكس آليات بديلة للتحويلات الدولية وعملة دولية؛. بهدف خفض الاعتماد على الدولار واليورو.
في سياقٍ متصل، انخفض الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسة يوم الجمعة، مسجلًا أول خسارة أسبوعية هذا الشهر.
يأتي ذلك في وقت يواصل فيه المستثمرون تقييم سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي، . وما إذا كانت الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة ستؤدي إلى ركود.
هل انتهى عصر عبودية اقتصادات العالم للدولار وضعفت هيمنته؟
يرى “مارك كوبيلوفيتش”، وهو أستاذ العلوم السياسية والشؤون العامة ومدير الدراسات الأوروبية بجامعة ويسكونسن الأميركية، أن هذه التكهنات تنتشر كثيرا وقت التغيرات الكبيرة والأزمات والحروب والكوارث.
فقد سمعنا الكلام نفسه عن تزعزع مكانة الدولار عندما تولى الرئيس الأميركي “جو بايدن” منصبه،. وعندما انتشرت جائحة “كوفيد-19″، وعندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على روسيا عقب استيلائها على شبه جزيرة القرم،. وخلال الأزمة المالية عام 2008-2009، وحاليا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأوضح الكاتب، في مقاله الذي نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، أن الدولار لم يفقد مكانته كعملة احتياطية أساسية، إذ يشترك في هذا التمييز مع عدد قليل فقط من العملات الرئيسية الأخرى، بما في ذلك اليورو والين الياباني والفرنك السويسري والجنيه الإسترليني والدولار الكندي والدولار الأسترالي والرنمينبي الصيني.
والعملات الاحتياطية هي العملات التي تحتفظ بها الحكومات والبنوك المركزية والمؤسسات الخاصة على نطاق واسع لإجراء التجارة الدولية والمعاملات المالية.
وأكد أن مكانة الدولار باعتباره العملة الاحتياطية العالمية المهيمنة، أصبحت الآن أقوى من أي وقت مضى وأصبحت أكثر رسوخا في أعقاب جائحة فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية.
واستنتج أنه لا توجد دولة أخرى في هذا العالم تتمتع بتلك المزايا، ولا توجد عملة أخرى على استعداد لملء هذه الأدوار، فالاتحاد الأوروبي هو أكبر اقتصاد في العالم، لكن منطقة اليورو ليست اتحادا ماليا ولا سياسيا، وهذا يجعل من الصعب إقناع الآخرين بأنه يمكنهم الاعتماد على اليورو في الأوقات الصعبة.
أما عن الصين فلا ننكر أنها آخذة في الصعود، وأن عملتها تتحول ببطء إلى عملة احتياطية عالمية، ومع ذلك، لا تزال الصين تفتقر إلى الأسواق المالية الخاصة العميقة والسائلة، ولا تسمح بالتدفقات الحرة لرأس المال، ولم يُظهر حكامها أي علامة على الإطلاق بأنهم سيقبلون المقايضات الاقتصادية السياسية الضرورية لتحدي الدولار، أو حتى اليورو.